عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 15-07-11, 10:20 PM
◊۩ www.bnymnbh.com ۩◊
عضـــو مجــــلس الاداره
صقر بني منبه غير متواجد حالياً
Saudi Arabia    
SMS ~
لحظه جـــنون
أن تصمتَ علىْ جرحَ يؤذيگَ ألفْ مرة گل يومْ
اوسمتي
وسام الإدارة 
لوني المفضل Firebrick
 رقم العضوية : 12
 تاريخ التسجيل : 2011 Apr
 فترة الأقامة : 4761 يوم
 أخر زيارة : 19-01-23 (11:43 AM)
 الإقامة : ABHA
 المشاركات : 13,219 [ + ]
 التقييم : 33
 معدل التقييم : صقر بني منبه is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]

اوسمتي

افتراضي رمضان بين الصبر والشكر ..



رمضان بين الصبر والشكر ..




الحمد لله الذي تفرد بالجلال، والعظمة والعز والكبرياء والجمال، وأشكره شكر عبد معترف بالتقصير عن شكر بعض ما أسدى من الإنعام والإفضال، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعد..






فحديثنا اليوم عن رمضان بين الشُّكر والصَّبر، ونسأله سبحانه أن ينفعنا بما نقول ونسمع.






لماذا نطرق هذا الموضوع؟

نطرق هذا الموضوع لأن الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر.. قال صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» [رواه مسلم].

والعبد كثيرًا ما يتقلب بين نعمة وبلاء، فيغفل قلبه عن النعم فينسى الشكر ويتبرم من المصائب فينسى الصبر. ورمضان يظهر فيه الصبر وما يقابله من الشكر.



ما هو الشكر؟

حتى ندرك معنى الشكر علينا أن نعرف:

1. ما الذي يشكر في الإنسان؟

2. ومتى يكون الشكر؟



أولا: ماذا يشكر في الإنسان؟

قال ابن القيم –رحمه الله: " الشكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافًا، و على قلبه شهودًا ومحبةً، وعلى جوارحه انقيادًا و طاعة " اهـ.

يتبين من كلام ابن القيم – رحمه الله – أن الشكر اجتماع كل ملكات العبد من لسان وجوارح وقلب في انتساق واحد، إذ القلب معترف بالنعمة، (شهودًا ومحبة)أي: أحس بوجود النعمة أولاً.

وهذا القلب المعترف الشاهد لنعمة الله أثر على اللسان فصدق عند الثناء على المنعم، معترفًا بنعم الله، لسانه ذاكر وكله إحساس بعظم النعمة، تجده صادقًا في ثنائه على ربه. ومن الناس إذا قيل له اشكر الله على النعم التي نعيشها قال: "الحمد لله" من طرف لسانه دون الإحساس بحقيقة النعمة ! ولسان حاله يقول : " أين هذه النعم؟ ".

و هذا القلب المعترف المحب أثر على الجوارح،أيضاً فذلت وخشيت انقيادًا وطاعةً و لننتبه إلى أنه ليس مجرد ظهور أثر النعمة بكلام أو فعل فقط، بل لا بد من الانقياد والطاعة.



ثانيًا : متى يكون شكر النعم؟

يكون شكر النعم عند الإحساس بالنعم: تجددًا أو تذكرًا أو تفكرًا.

ولنضرب لذلك مثلاً:

شخص امتن الله عليه بنعمة الولد والذرية:

1- في أول وقت حصول النعمة يكون الإحساس بالنعمة تجددًا.

2- بعد فترة من الزمن وتذكر تغيير حاله فيكون الإحساس بها تذكرًا.

3- عند وجود النعمة وتقلبه فيها مع عدم الالتفات لها واستشعارها حينئذ يكون الإحساس بها تفكرًا.

وهذا ما سنقوم به عند الكلام عن رمضان، بعرض النعم المتتالية ولفت النظر إلى شكرها، وقبل ذلك سنوضح مكانة كلٍّ من الشكر والصبر في الدين.



مكانة الشكر في الدين:

من المعلوم أنه لا يمكن تقرير مسألة شرعية إلا بدليل من الكتاب أو السنة الصحيحة، وهذا ما سنقوم به لتقرير عظم مكانة الشكر في الدين.

قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:78]

- يظهر من الآية أن الشكر غاية الخلق. فمن أجله جعل الله لنا السمع والأبصار والأفئدة، وهو روح العبادة فالله تعالى يأمر آل داود بالعمل وهذا العمل في ذاته شكر لله {اعْمَلُوا آلَ دَاوُد شكرًا} [سبأ :13]

- والشكر قرين الإيمان. قال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَءَامَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}[النساء: 147]

- وهذا الشكر هو سبب المنة الخاصة على بعض العباد. {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام :53 ]

- والإنسان إما شكور أ و كفور. {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [ الإنسان: 3].

- وعلَّق الله سبحانه المزيد بالشكر، والمزيد منه لا نهاية له. {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [ إبراهيم: 7 ].

- وأخبر سبحانه أنه إنما يعبده من شكره، ومن لم يشكره لم يكن من أهل عبادته. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172].
وكما قلنا: الشكر قرين الإيمان، والشكر غاية الخلق.. وعليه يتبين أن الشكر عبادة.

- وأثنى الله على رسله بهذه الصفة فقال عن نوح عليه السلام: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [ الإسراء: 3 ].

وأثنى على خليله بشكره نعمه: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ المشركين(120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [ النحل: 120-121].

- وجعل الله عز وجل أول وصية وصى بها الإنسان الشكر له وللوالدين: {وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [ لقمان : 14].




قال ابن عيينة في تفسيرها: " من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ".

قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى- : " الخير الذي لا شر فيه: العافية مع الشكر، فكم من منعَم عليه غير شاكر ".

وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله تعالى-: "عليكم بملازمة الشكر على النعم، فقلّ نعمة زالت عن قوم فعادت إليهم ".

قال يونس بن عُبيد – رحمه الله – لرجل يشكو ضيق حاله: أيسرك ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا، قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا، قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا، فذكره نعم الله عليه فقال يونس: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة !..اهـ.

هذا هو حال الإنسان، لا يشكر الله بل يشتكي الله إلى خلقه، ولا يصبر على قليل ألم مع كثير نعم.

واعلم أن وجودك بلا عاهات من النعم، والعجيب أن أهل العاهات أكثر شكرًا!!

ولعدم الإحساس بالنعمة؛ فإنها عندما تزول نادرًا ما تعود. لذلك وأنت في النعمة استشعرها وتدبرها وتحسسها حتى تبصرها، ولا تكن أعمى.. لا تبصر إلا حين تصطدم بالفقد.

بعد أن عرفنا الشكر ومنزلته بقي أن نتعرف على الصبر.





رد مع اقتباس