عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 28-03-12, 10:31 PM
الشهراني1 غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 245
 تاريخ التسجيل : 2011 Jun
 فترة الأقامة : 4743 يوم
 أخر زيارة : 22-06-12 (02:24 PM)
 المشاركات : 437 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : الشهراني1 is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل



[color="blue"]النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل

الحمدُ لله و الصلاةُ و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه أما بعد :

فما أحوجَ النفوس لحادٍ يحدو بها إلى الخير يرشدها إليه ، و يدلُّها عليه ، و لزاجرٍ ينهاها عن مواطن الشرّ و الضرّ ، يصرفها عنها ، و يحذرها منها .

فإن الخير و الشرّ يعتلجان في القلوب فلأيّهما كانت الغلبة كان هوى القلب و طاعة الجوارح ، فكان حريّا بمن يريدُ نجاة نفسه أن يجعل هواها في فعل الخيرات و تجنّب المنكرات ، و كان حريّا بمن أراد ضد ذلك أن يسلك أسوأ المسالك ، و هذان نقلان جليلان عن علمين نبيلين ، فيهما من الدعوة إلى تخلية النفوس من الباطل ، و تحليتها بالحق ، ما هو جديرٌ بالنظر فيه ، و التأمّل في معانيه فدونكم قولهما فانظروه.

قال الإمام الرباني ابن قيّم الجوزية - رحمه الله - في كتابه الماتع (الفوائد)
(ص 41) :

(( قبولُ المَحلِّ لما يُوضع فيه مشروطٌ بتفريغه من ضدِّه، وهذا كما أنه في الذِّواتِ والأعيانِ؛ فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات:

فإذا كان القلب ممتلئاً بالباطل اعتقاداً ومحبةً؛ لم يبْقَ فيه لاعتقاد الحقِّ ومحبته موضع؛ كما أن اللسان إذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبُه من النُطق بما ينفعُه إلا إذا فرَّغ لسانه من النطق بالباطل. وكذلك الجوارح إذا اشتغلت بغير الطاعة لم يُمكن شغلها بالطاعة إلا إذا فرَّغها من ضدِّها.

فكذلك القلبُ المشغولُ بمحبَّة غير الله وإرادته والشوق إليه والأُنْس به لا يُمكن شُغله بمحبَّة الله واردتِهِ وحبِّه والشوق إلى لقائه؛ إلاّ بتفريغِهِ من تعلُّقه بغيره، ولا حركة اللسان بذكره والجوارح بخدمته إلاّ إذا فرَّغها من ذكر غيره وخدمته، فإذا امتلأ القلبُ بالشُّغل بالمخلوق والعلوم التي لا تنفعُ؛ لم يبقى فيها موضع للشُّغل بالله ومعرفة أسمائِهِ وصفاتِهِ وأحكامِه.

وسرُّ ذلك أن إصغاء القلب كإصغاءِ الأُذُن: فإذا صَغا إلى غير حديث الله لم يبْقَ فيه إصغاءٌ ولا فهمٌ لحديثهِ، كما إذا مال إلى غير محبةِ الله؛ لم يبق فيه ميل إلى محبتِهِ، فإذا نطق القلبُ بغير ذِكرِهِ لم يبْقَ فيه محلُّ للنُّطق بذكرِهِ كاللسان.

ولهذا في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لأنْ يَمتَلئَ جَوْفُ أحدِكم قَيْحاً حتى يَرِيَهُ خير له من أَن يمتلئَ شِعْرا»؛ فبيَّنَ: أن الجوف يمتلىءُ بالشِّعرِ.

فكذلك يمتلىء بالشُّبه، والشُّكوكِ، والخيالات، والتقديرات التي لا وجود لها، والعلوم التي لا تنفعُ، والمُفاكَهات، والمضاحِكاتِ، والحكاياتِ ونحوها.

وإذا امتلأَ القلبُ بذلك؛ جاءتْهُ حقائقُ القرآنِ والعلم الذي به كمالُهُ وسعادته، فلم تجد فيه فراغاً لها ولا قبولاً، فتَعدَّتْهُ وجاوزته إلي محلٍّ سواهُ، كما إذا بُذِلَتِ النصيحةُ لقلبٍ ملآن من ضدِّها لا منفذ لها فيه؛ فإنّهُ لا يقبلُها ولا تلِجُ فيه، لكن تَمُرُ مجتازةً لا مستوطنةً.

ولذلك قيل:

نَزِّه فُؤادك من سوانا تَلْقنـا ... فجنـابُنا حِلٌّ لِكُـلِّ مُـنَزَّهِ

والصّبرُ طِلسَمٌ لِكَنْزِ وِصالِنا ... من حلَّ ذا الطِّلسْم فازَ بِكَنْزِهِ

وبالله التوفيق. )) اهـ


و في الباب نفسه يقوله شيخهُ الإمام علم الأعلام و شيخ الإسلام ابنُ تيمية الحرّاني - رحمه الله - في اقتضاء الصراط المستقيم ( 1 / 484 ) :

(( العبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته، قلت رغبته في المشروع وانتفاعه به بقدر ما اعتاض من غيره.

بخلاف من صرف نهمته وهمته إلى المشروع فإنه تعظم محبته له، ومنفعته به، ويتم دينه، ويكمل إسلامه.

ولذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه : تنقُص رغبته في سماع القرآن، حتى ربما كرهه .

ومن أكثر من السفر إلى زيارات المشاهد ونحوها : لا يبقى لحج البيت الحرام في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة .

ومن أدمن على أخذ الحكمة والأدب من كلام حكماء فارس والروم : لا تبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع .

ومن أدمن قصص الملوك وسيرهم : لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الاهتمام .

ونظير هذا كثير .

ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :

(( ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع الله عنهم من السنة مثلها )) رواه الإمام أحمد.

وهذا الأمر يجده من نفسه من نظر في حاله من العلماء، والعباد والأمراء، والعامة، وغيرهم.

ولهذا عظمت الشريعة النكير على من أحدث البدع، وكرهتها، لأن البدع لو خرج الرجل منها كفافاً عليه ولا له لكان الأمر خفيفاً، بل لابد أن يوجب له فساد منه نقص منفعة الشريعة في حقه، إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض عنه. ))

فرحم الله الإمامين العلمين و جزاهما عن الإسلام و أهله خير ما يجزي به عباده الصالحين

منقول
[/color]





آخر تعديل الشهراني1 يوم 28-03-12 في 10:37 PM.
رد مع اقتباس